أما ما نوع الشرك الذي حصل؟
فهو شرك أصغر، شرك في الطاعة فقط، وليس شركًا في العبادة. فمَن أطاع
مخلوقًا في معصية الله فهذا نوع من الشرك، يُسمى شرك الطاعة، وهو شرك أصغر،
والأنبياء قد تقع منهم الصغائر، لكنهم لا يُصِرون عليها بل يتوبون منها، فهم
معصومون من الاستمرار على الصغيرة، وليسوا معصومين من الوقوع في الصغيرة. وما
ذُكِر ذنب لنبي من الأنبياء إلا ذُكِرت معه التوبة. هذا مُطَّرَد في القرآن.
فهذا هو الصحيح في معنى الآية، والشاهد منها: أن تعبيد الاسم لغير الله
نوع من الشرك؛ كأن يقال: عبد الحسين، أو عبد الرسول، أو عبد الكعبة، أو عبد
العُزَّى... وما أشبه ذلك؛ لأن العبودية لله عز وجل، العبودية العامة والعبودية
الخاصة.
فالعبودية العامة معناها: أن الخلق جميعهم مِلْك لله يتصرف فيهم كيف يشاء.
وهذه تشمل المؤمن والكافر، قال عز وجل: ﴿إِن كُلُّ
مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا﴾ [مريم: 93]، فلا
يَخرج أحد عن أمر الله القدري الكوني، لا المؤمن ولا الكافر، ولا الملائكة ولا
غيرهم، كلهم عبيده يتصرف فيهم كيف يشاء سبحانه وتعالى.
والعبودية الخاصة: هي عبودية الألوهية. وهذا هو الجواب عمن خالف في أنها
تعني آدم وحواء، ففيها تحريم تعبيد الأسماء لغير الله، وأن الله عز وجل سماه
شركًا، لكنه شرك أصغر لا يُخْرِج من الملة. أما إذا أريد بـ «عبد المسيح» أنه يعبد المسيح، أو أريد بـ «عبد الحسين» أنه يعبد الحسين، فهذا شرك أكبر.