كيفيتها وحقيقتها، وإن كنا
نعرف معناها، بل هناك فرق بين معرفة المعنى ومعرفة الكيفية؛ ولهذا قال الإمام
مالك: «والكيف مجهول».
فينبغي التفصيل في هذه المسألة لمن يريد أن يغالط ويسأل عن الكيفية، وذلك بأن تَرُد
عليه بأن هذا أمر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، الذي يقول في كتابه: ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ
أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا﴾ [طه: 110]، فلا أحد
من الخلق يحيط بالله عز وجل علمًا، لا يحيطون بذاته ولا بكيفية صفاته عز وجل.
قوله: «فمَن جَحَد شيئًا مما وَصَف الله
به نفسه أو وَصَفه به رسوله، أو تأوله على غير ما ظهر من معناه؛ فهو جهمي قد اتبع
غير سبيل المؤمنين»، فالذين ألحدوا في أسماء الله وصفاته بالنفي لها أو بنفي
معانيها - هؤلاء هم الجهمية، ومَن سار في ركابهم من المعتزلة والأشاعرة، وكل مَن
دخل في مجال التأويل وصَرَف هذه الصفات عن معناها الصحيح إلى معانٍ ابتدعوها من
عندهم، ما أنزل الله بها من سلطان.
فأصل البلاء من الجهمية، ثم توارثته الفِرَق التي جاءت من بعدهم.
ثم نَقَل الشارح رحمه الله تقسيم العَلاَّمة ابن القيم رحمه الله لأسماء
وصفات الرب عز وجل، فقال:
«أحدها: ما يرجع إلى نفس
الذات؛ كقولك: ذات وموجود»، وهذا لا عِلْم لنا به، نُثبته ولكن لا نعلم كيفيته.