×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

فكلمة «لو» لا يؤتى بها مع المصائب ومع حصول المكاره، وإنما يُسْنَد هذا إلى قضاء الله وقدره.

فإذا أصابك ما تَكره أو لم يحصل لك المطلوب، فلا تقل: لو أني فعلت كذا، لكان كذا وكذا! ولكن قل: «قَدَرُ الله - وفي رواية: قَدَّر الله - وما شاء فَعَل»، فتَرُد هذا إلى القضاء والقدر، وهذا يريحك من الوساوس؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».

فإذا رجعتَ هذا إلى القضاء والقدر، فإن هذا يريحك ويسد على الشيطان باب الوساوس التي يزعجك بها.

فهذا حديث عظيم، ومنهج عظيم يسير عليه المسلم في حياته في أمور دينه وأمور دنياه، وهو من كمال التوحيد، بل هو أعظم أنواع التوحيد.

لكن قد يشكل قوله صلى الله عليه وسلم لما أَمَر أصحابه الذين لم يسوقوا الهَدْي في حجة الوداع بعدما طافوا وسَعَوْا، أَمَرهم أن يَقُصُّوا من رءوسهم وأن يجعلوها عمرة، أي: يُحَوِّلوا القِران والإفراد إلى تمتع، وقال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا» ([1]). فالذي منعه صلى الله عليه وسلم أن يَحِل مع الناس أنه ساق الهَدْي؛ لأن الذي يسوق الهَدْي من الحِل يبقى على إحرامه حتى يَذبح الهَدْي يوم النحر؛ لقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ [البقرة: 196] يعني: يوم النحر.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1651)، ومسلم رقم (1211).