قوله: ﴿لَوۡ كَانَ لَنَا
مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ﴾، كرروا هذا الظن
القبيح، وقالوا: لو كان لنا من الأمر والمشورة شيء ما قُتِلنا هاهنا، أي: لو
أطاعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما حصل هذا القتل!!
كأن القتل راجع إلى آرائهم ومشورتهم! فلا يؤمنون بقضاء الله وقدره، وإن
آمنوا بقضاء الله وقدره فهم لا يؤمنون بحكمة الله، وأن الله أجرى هذا لحكمة، وإنما
يتسخطون ويقولون: هذا لا يصلح ولا يجوز، وهذا ظلم، لماذا يُقتل المؤمنون، والكفار
ينتصرون؟! لو كانوا على إيمان صحيح ما قُتِلوا، لو كان محمد رسول الله حقًّا لما
حصل عليه ما حصل!! كما قالوا في وقعة بدر: ﴿غَرَّ
هَٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ﴾ [الأنفال: 49] هذه كلمات المنافقين دائمًا.
قوله: ﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ
فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ
مَضَاجِعِهِمۡۖ﴾ كون الإنسان في بيته لا يحميه من الموت، إذا قَدَّر
الله أنه يُقتل فسيخرج من بيته ويساق إلى مصرعه. فبقاؤكم في البيوت لا يحميكم من
الموت، إما أن يأتيكم الموت وأنتم في بيوتكم، وإما أنكم تخرجون إليه وتبرزون له.
قال عز وجل: ﴿أَيۡنَمَا
تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ﴾ [النساء: 78]، لو
كنتم في بروج مشيدة ومحمية وحصون منيعة، ما منعكم هذا من الموت إذا قَدَّره الله
عز وجل عليكم.
إما أن يدرككم الموت وأنتم في حصونكم، وإما أن تخرجوا من هذه الحصون
وتبرزوا إلى مصارعكم.