هذا هو حال المنافقين - والعياذ بالله - يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية.
أما أهل الإيمان فإنهم يُحْسِنون الظن بالله عز وجل مهما كان الأمر،
ويعلمون أن ما أصابهم فإنه لحكمة ولصالحهم، سواء أكان خيرًا أم كان شرًّا: فإن كان
خيرًا فهو نعمة من الله عز وجل. وإن كان شرًّا وعقوبة فإنه تمحيص وتطهير للمسلمين،
وتنبيه لهم على أخطائهم حتى يستدركوها، ولئلا يُعْجَبوا بأنفسهم، وليتميز المؤمن
من المنافق. قال عز وجل: ﴿مَّا
كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ
يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ﴾ [آل عمران: 179].
فلو كان الأمر نعمة دائمة ورخاء دائمًا ونصر دائمًا، ما تميز المنافق من
المؤمن، لكن إذا جاءت الشدائد انحاز المنافقون وظهروا وتكلموا بالكلام الخبيث.
وهذا في كل زمان ومكان، وما هو واقع الآن يدل على هذا! فكلام المنافقين
وكلام الأشرار كثير في أهل الخير وأهل العلم وفي ولاة أمور المسلمين. وهذا كله من
النفاق.
* قال عز وجل في الآية الثانية: ﴿وَيُعَذِّبَ
ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ
بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ
عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا﴾ [الفتح: 6] قَدَّم
المنافقين والمنافقات على المشركين والمشركات، مما يدل على أن خطر المنافقين أشد
من خطر المشركين. ويدل أيضًا على أن النساء فيهن منافقات - والعياذ بالله - كما أن
فيهن مؤمنات.