قال: «وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ
لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ» إذا
قلتَ: ما معنى الإيمان بالقضاء والقدر؟
فهذا هو، هذا تفسيره، جاء في هذا الحديث والذي قبله، وهذا ما قاله الرسول
صلى الله عليه وسلم لابن عباس في وصيته له، حيث قال: «يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ،
احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا
اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ...» إلى أن قال: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ
بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ
اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ
كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» ([1]).
هذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس، وهذا هو
معني الإيمان بالقضاء والقدر، أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأنه لابد أن
يصيبك ما دام الله قَدَّره عليك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو فعلتَ كل الأسباب
لتحصل على ما لم يقدره الله عليك، فلا تتأسف على ما فاتك من حطام الدنيا، واعلم
أنه ليس مقدرًا لك.
ولكن قد يتأسف العبد على فوات الطاعات ومواسم العبادات؛ كما تأسف النبي صلى الله عليه وسلم على أنه لم يتمتع في الحج، وقال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمَّا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ الَّذِينَ أَحَلُّوا مِنَ الْعُمْرَةِ» ([2])، وليس هذا من باب الاعتراض على القضاء والقدر، وإنما هذا من باب بيان الأفضل؛ لأن أفضل الأنساك التمتع.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556).