فمَن جَحَد القضاء والقدر
فهو كالذي يجحد اليوم الآخِر، ويجحد بعثة الرسل، ويجحد إنزال الكتب، بل هو كمن كفر
بالله عز وجل ولم يؤمن به. إذًا ماذا بقي له؟ ما بقي له إيمان.
وهذا هو وجه الشاهد من قول ابن عمر واستدلاله بهذا الحديث، أن مَن أنكر
القضاء والقدر حَبِط عمله، وأنه منكر لركن من أركان الإيمان.
* ثم أورد الشارح رحمه الله حديث عمر رضي الله عنه بطوله، وفيه: «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ
الشَّعْرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ نَعْرِفُهُ» وهذا من العجيب!
أنه شديد بياض الثياب، وشديد سواد الشعر، وليس عليه علامات السفر، ومع هذا لا
يعرفه أحد من أهل البلد!! وهذا دليل على أنه قادم من بعيد، لكن لم يظهر عليه أثر
السفر، فتعجبوا من ذلك.
قال: «حَتَّى جَلَسَ إِلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ
وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ» هذا فيه بيان آداب طالب العلم أمام
المعلم، وأنه يجلس بأدب، ويسأل المعلم بأدب.
فهذا جبريل عليه السلام جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلس
المتعلم؛ ليُعَلِّم أصحابه كيف يطلبون العلم.
ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فذَكَر صلى الله عليه وسلم له
أركان الإسلام الخمسة، وهي الأعمال الظاهرة. فقال: «صَدَقْتَ».
قال عمر رضي الله عنه: «فَعَجِبْنَا
لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ» هذا عجب ثانٍ أيضًا مِن هذا الرجل، جاء يسأل
ثم يقول: «صَدَقْتَ»، فهذا دليل على
أنه عالم؛ لأنه لو لم يكن عالمًا لم يقل للرسول صلى الله عليه وسلم: «صَدَقْتَ».