هذا الوعيد الشديد.
ومن هؤلاء الذين ليس عندهم سبب للكِبْر: العائل، أي: الفقير. فهذا
ليس عنده شيء يحمله على الكِبْر، فدل على أن الكِبْر غريزة وسجية فيه ليس له سبب،
فهذا تكبره أشد من تكبر الغني؛ لأن تكبره بدون سبب، أما الغني فتكبره بسبب وهو
كثرة المال عنده، وإن كان الكِبْر محرمًا في حق الاثنين، لكن تحريمه في حق الفقير
أشد.
الثالث - وهو محل الشاهد للباب -: «رَجُلٌ جَعَلَ اللَّه لَهُ بُضَاعَةَ» أي: جعل الحلف بالله بضاعته، «لاَ يَشْتَرِي إِلاَّ بِيَمِينِهِ وَلاَ
يَبِيعَ إِلاَّ بِيَمِينِهِ»، وهذا عام للرجال والنساء، ولكن ذكر الرجال من
باب التغليب.
فالذي يستعمل اليمين في بيعه وشرائه ويُكثر منها - هذا دليل على تهاونه
بها، وهذا نقص في توحيده، فكان جزاؤه هذه العقوبات الثلاث: «لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ،
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».
فيجب على المسلم أن يَصْدُق في معاملاته مع الناس في بيعه وشرائه، وأن
يقلل من الأيمان تعظيمًا لها، ولا يحمله حب ترويج سلعته على أن يُكثر من الحلف
للزبائن؛ لأن هذا دليل على عدم احترامه لليمين بالله عز وجل وأنه آثر الدنيا على
الآخرة. وهذا هو محل الشاهد من الحديث للباب.