×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

قوله: «ويَخونون ولا يُؤتمَنون» أي: تظهر فيهم الخيانة وهي عدم الأمانة.

فالأمانة في السلف في صدر الأمة كانت متوفرة، ولكن بعدهم تقل الأمانة وتفشو الخيانة، الخيانة في المعاملة، والخيانة في العهود، والخيانة في حفظ الأسرار... وغير ذلك.

والخيانة كبيرة من كبائر الذنوب، قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [الأنفال: 27]، وقال عز وجل في صفة المؤمنين: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ [المؤمنون: 8].

والأمانة: ما استُحفظ عليه الإنسان من مال أو سر أو استشارة... أو غير ذلك.

فالودائع التي تودع عند الإنسان هذه أمانة، قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا [النساء: 58]. هذه الآية نزلت في الولايات، يأمر الله عز وجل ولاة الأمر أن ينيطوا المسئوليات بالمتأهلين لها الذين يقومون بها، وهي عامة في جميع الأمانات، حتى الودائع تدخل في هذا.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» ([1]).

فهؤلاء الذين يأتون بعد القرون المفضلة تَقِل فيهم الأمانة وتَكثر فيهم الخيانة، حيث يتساهلون في الأمانات، ويتخذون الأمانة مغنمًا ولا يعظمون شأن الأمانات؛ كما في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3535)، والترمذي رقم (1264)، والدارمي رقم (2639)، وأحمد رقم (15424).