فالجهمية ومَن أخذ برأيهم من المعتزلة يقولون: إن الله خَلَق الكلام في
غيره، فكلام غيره كلام له!!
تعالى الله عما يقولون، وعلى هذا يكون الكلام القبيح والكلام الفاحش كلامًا
لله عز وجل. وكل ما يتكلم به الناس عند الجهمية فهو كلام الله؛ لأن الله هو الذي
خلقه.
والمعتزلة كذلك أخذوا برأي الجهمية.
أما الأشاعرة فإنهم يُثبتون الكلام النفسي، وأما الكلام الذي هو القرآن
فيقولون: إنه حكاية عن كلام الله، حكاه جبريل أو محمد صلى الله عليه وسلم، فمعناه
من الله وأما لفظه فإنه من جبريل أو من الرسول صلى الله عليه وسلم !!
وهذا كله كلام باطل، بل القرآن كلام الله، لفظه ومعناه من الله عز وجل،
وكلامه سبحانه قديم النوع حادث الآحاد، بمعنى: أن نوع كلامه سبحانه قديم بقدمه جل
جلاله، ليس له بداية كسائر أفعاله. وحادث الآحاد بمعنى: أنه سبحانه وتعالى يتكلم
إذا شاء، ومن كلامه القرآن الكريم.
العقوبة الثانية: «وَلاَ
يُزَكِّيهِمْ» التزكية معناها التطهير، أي: لا يطهرهم من الآثام والذنوب عقوبة
لهم.
العقوبة الثالثة: «وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ» أي: عذاب موجع ومؤلم.
فهذه عقوبات ثلاث على هؤلاء الثلاثة، مما يدل على خطورة أمرهم.
فما سبب هذه العقوبات وهذا الوعيد الشديد؟ ومَن هم هؤلاء الثلاثة؟
الأول: «شَيْخٌ زَانٍ» «أُشَيْمِط»: تصغير «أشمط»، وهو الذي بدأه الشيب، صَغَّره تحقيرًا له؛ لأن التصغير يأتي
لأغراض، منها التحقير، وهو المراد هنا، ويأتي أحيانًا للتعظيم أو التقليل.