وهذا فيه دليل على أن الجهاد يكون بالغزو والهجوم على الكفار في ديارهم بعد
دعوتهم إلى الإسلام؟ وليس المقصود منه الدفاع عن ديار الإسلام،كما يقول بعض
الكُتاب العصريين.
إنما المقصود من الجهاد: إزالة الكفر والشرك من الأرض.
أما الدفاع الذي يزعمونه فمعناه أننا نبقى في ديارنا، فإن جاءونا دافعناهم،
وإن تركونا تركناهم. وهذا باطل، لم يأتِ به الإسلام، إنما كان ذلك موجودًا في أول
الإسلام حين كان المسلمون قلة، ولم يكن لهم دولة، عندما كانوا في مكة، كانوا
منهيين عن القتال؛ لأن المفسدة فيه أعظم من المصلحة، لكن لما قَوِي المسلمون ووُجدت
دولة المسلمين في المدينة، أَمَر الله المسلمين بالجهاد والغزو وقتال الكفار،
فنَفَّذ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فغزوهم في ديارهم وفي بلادهم لنشر
الإسلام.
فما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا والإسلام منتشر في معظم جزيرة
العرب، ودخل الناس في دين الله أفواجًا.
وقبل وفاته صلى الله عليه وسلم كاتب ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، وكان
ذلك مقدمة لجهادهم.
وجاء مِن بعده الخلفاء الراشدون، فواصلوا الجهاد الذي بدأه رسول الله صلى
الله عليه وسلم، حتى انتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، ودخلت دولة الفرس
ودولة الروم تحت حكم الإسلام، ومنهم مَن أسلم، ومنهم مَن خضع لبذل الجزية، وصارت
الغلبة والظهور لدين الإسلام؛ مصداقًا