×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

فتبدأ الرسائل والمؤلفات باسم الله، وتبدأ به الدروس والنصائح، وتبدأ به سور القرآن الكريم - ما عدا سورة براءة - فدل على أنها كلمة عظيمة، يُبدأ بها مهامّ الأمور.

قوله: «فِي سَبِيلِ اللهِ» يعني: أن الغزو لا يكون لطلب المُلْك، أو لطلب المال، أو للتسلط على الناس، فهذا شأن أهل الجاهلية، إنما يكون الغزو لمصالح الناس، وليس للانتقام منهم إذا لم يُصِروا على الكفر، وإنما هي لمصالحهم؛ لأجل إنقاذهم من الكفر وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

فالقصد من الغزو: إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، والمصلحة في هذا عائدة إلى المغزوين، وإلى الغازين أيضًا. فالغازون يكون لهم أجر الجهاد في سبيل الله، وأجر الشهادة والغنيمة. والمغزوون يكون لهم إخراجهم من الكفر إلى الإيمان، ومن الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإسلام.

قوله: «قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ» القصد من الغزو هو: قتال الكفار لكفرهم؛ لأن الله خَلَق الناس لعبادته سبحانه وتعالى، قال عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، والمصلحة في العبادة راجعة إليهم؛ لأنهم إذا عبدوا الله أكرمهم الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة. أما إذا عبدوا غير الله فقد ضروا أنفسهم.

فالمقصود من الغزو في الإسلام هو: إزالة الكفر وإحلال التوحيد محله. وليس المقصود من الغزو الاستيلاء على البلاد، أو أخذ الأموال، أو توسيع المُلْك... أو ما أشبه ذلك، قال عز وجل: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ [الأنفال: 39].


الشرح