لقوله عز وجل: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ
رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ
وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].
فتحقق وعد الله سبحانه وتعالى، وظهر دين الإسلام على الدين كله، وبلغ مشارق
الأرض ومغاربها، بجهاد المجاهدين في سبيل الله.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اغْزُوا»
هذا تَكرار منه صلى الله عليه وسلم للتأكيد، «وَلاَ
تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَمْثُلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا...»
يرسم لهم صلى الله عليه وسلم الخطة التي يسيرون عليها في جهادهم، وهي خطة العدل
والإنصاف والرفق والحكمة.
قوله: «وَلاَ تَغُلُّوا» الغُلُول
هو: أن يأخذ شيئًا من الغنيمة قبل القسمة. والواجب أن تُجْمَع الغنيمة ثم تُقَسَّم
حَسَب ما شرعه الله، قال عز وجل: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ
أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ
وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41].
فمَن أَخَذ شيئًا منها بدون القسمة أو التنفيل الذي يمنحه القائد لبعض المجاهدين
لمزية فيه، فقد غل.
والغُلول كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقوله عز وجل: ﴿وَمَا
كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ وَمَن يَغۡلُلۡ يَأۡتِ بِمَا غَلَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ
ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ﴾ [آل عمرا: 161]،
ففي يوم القيامة يأتي الغَالُّ وقد حمل على ظهره ما أخذه في الدنيا فضيحةً له في
هذا الموقف العظيم.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات يوم، فذَكَر الغُلول، فعَظَّمه وعَظَّم أمره، ثم قال: «لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ،
أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لاَ
أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ