قوله:
«فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ» فيه حُجة لمالك وأصحابه والأوزاعي
في أخذ الجزية من كل كافر، عربيًّا كان أو غيره، كتابيًّا كان أو غيره.
وقد
اختُلف في القدر المفروض من الجزية:
فقال
مالك: أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهمًا على أهل الوَرِق.
وقال
الشافعي: دينار على الغني والفقير.
وقال
أبو حنيفة: على الغني ثمانية وأربعون درهمًا، والوسط أربعة وعِشرون درهمًا،
والفقير اثنا عشر درهمًا. وهو قول أحمد بن حنبل.
وعند
مالك وكافة العلماء: على الرجال الأحرار البالغين دون غيرهم.
وإنما
تؤخذ ممن كان تحت قهر المسلمين لا ممن نأى بداره. ويجب تحويل النائي إلى بلاد
المسلمين أو حربهم.
**********
قوله: «فَإِنْ هُمْ أَبَوْا» أي: أَبَوُا الدخول في الإسلام «فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ» أي: انتقِلْ
معهم إلى الخَصلة الثانية، فاعرض عليه الجزية.
الجزية في اللغة: مشتقة من مادة: «ج
ز ي»، فيقال: جزى يجزي جزاء، أي: كافأ بالإحسان وبالإساءة. وتجازيتُ دَيني،
إذا تقاضيتُه.
أما الجزية في الشرع: فهي مقدار من المال يدفعه الكافر كل عام؛ حتى يُحْقَن
دمه، ويعيش تحت ظل الإسلام وحكم الإسلام، ويبقى على كفره، لكن يكون خاضعًا لحكم
الإسلام.