×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

واختلف العلماء هل تؤخذ الجزية من كل كافر كما هو ظاهر هذا الحديث، أو أنها تؤخذ من أهل الكتاب فقط؛ لقوله عز وجل: ﴿قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ [التوبة: 29]، فخص الله في الآية أهل الكتاب: اليهود والنصارى، فالذين أوتوا الكتاب هم اليهود والنصارى، وأُلْحِق بهم المجوس بسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» ([1])، يعني: في أخذ الجزية، فهم يُسَن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية. أما ذبائحهم فهي حرام، بخلاف ذبائح أهل الكتاب ونسائهم.

فتؤخذ الجزية من أهل الكتاب بنص الآية، وتؤخذ الجزية من المجوس بالسُّنة النبوية وفِعل الخلفاء الراشدين ([2])، ويبقى الخلاف في بقية المشركين.

فهذا الحديث يدل على أخذها منهم أيضًا، لكن اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول - وهو قول الإمام مالك رحمه الله، واختيار الإمام ابن القيم -: أنها تؤخذ من كل كافر. بدليل هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عَمَّم أخذ الجزية، وقال: «إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»، وهذا عام يعم جميع المشركين.


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في الموطأ (42)، وأبو يعلى رقم (862)، والبزار رقم (1056).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3156).