قوله:
«وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ...» إلى آخره: فيه حجة لمن يقول من الفقهاء وأهل
الأصول: إن المصيب في مسائل الاجتهاد واحد. وهو المعروف من مذهب مالك وغيره.
قوله:
«وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ
اللهِ، وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ...» الذمة: العهد. وتُخْفِر: تَنقض، يقال: أخفرتُ
الرجلَ: نقضتُ عهده. وخَفَرْتُه: أَجَرْتُه؛ لأنه لا يؤمن على مَن أعطى ذمة أن
يُخْفِرها، فخفر ذمته أهون من أن يُخْفِر ذمة الله عز وجل.
**********
قوله: «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ» الحصار: هو تطويق المكان بحيث لا
يَخرج منه أحد، ولا يَدخل إليه أحد. وحصار العدو: تطويقه بحيث لا يَخرج منه أحد،
ولا يَدخل إليه أحد، ولا يَدخل إليه مال ولا قوة ولا شيء.
والحصن: مفرد حصون، وهي الأبنية التي يَتحصن بها المقاتلون، وتُسمَّى قلاعًا
وحصونًا، قال عز وجل: ﴿وَظَنُّوٓاْ
أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ﴾ [الحشر: 2].
والقتال قد يكون في الميدان، وقد يكون من وراء الحصون، وهذا هو المقصود
هنا، أنهم يكونون في حصون، وهذا لا يكون في البوادي، إنما يكون في حواضر المشركين،
هم الذين يتحصنون بالحصون.
قوله: «فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ
لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ» هذا هو محل الشاهد من الحديث: إذا حاصرت أهل حصن فطلبوا
منك أن تعاهدهم؛ لكي يستسلموا ويخرجوا من حصونهم، «فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَلاَ ذِمَّةَ