×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 نَبِيِّهِ» أي: عهد الله وعهد رسوله «وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ»، فيقول الأمير أو القائد: أعطيكم عهدي وميثاقي أنا، ولا أعطيكم عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم.

ما المانع أن يعطيهم ذمة الله ورسوله؟

قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ» والإخفار: الغدر والخيانة، يقال: «أَخْفَرَه» أي: غَدَر بعهده وخانه. ويقال: خَفَره -من الثلاثي - إذا حماه. فالخفير هو الحامي. وأما الإخفار فهو الغدر والخيانة.

فقوله صلى الله عليه وسلم: «فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ»؛ لأجل احترام ذمة الله؛ لأنه إذا أعطاهم ذمة الله ثم حصل غدر كان ذلك تنقصًا لذمة الله سبحانه وتعالى. أما إذا جَعَل لهم ذمته وذمة أصحابه، ثم حصل غدر كان ذلك أهون.

والمسلم يَحْرُم عليه إذا عاهد أن يغدر ولو جَعل في عهده ذمته، لكن هذا من باب ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما؛ لأنه لا يُؤْمَن أنه يحصل غدر ومخالفة، فيكون في ذلك تنقص لذمة الله، وهذا نقص في التوحيد.

قوله: «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ» إذا سألوك حكم الله، وقالوا: ننزل على حكم الله فينا! فلا تجبهم إلى ذلك، ولكن قل لهم: هذا حكمي واجتهادي، «فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ؟»، فكونك تخطئ في اجتهادك، ويُنسَب الخطأ إليك


الشرح