×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

قوله: «جُندَب» بفتح الدال - ويجوز الضم: «جُندُب» - ابن عبد الله البَجَلي، الصحابي الجليل، رضي الله عنه.

قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلاَنٍ...» الحديث» هذه الرواية مختصرة في صحيح مسلم.

وجاء تفصيلها في حديث عند غير مسلم، أن هذا الرجل كان ممن كان قبلنا من الأمم السابقة، وأنه كان رجلاً عابدًا، وكان يرى رجلاً عاصيًا يفعل المعاصي فينصحه، ثم لما تكرر من الرجل فعل المعاصي، أَخَذَتْ هذا العابد الغَيرة الشديدة، فقال له: «وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ -»، وهذا لا شك أنه أساء الأدب مع الله عز وجل، فإن الله سبحانه رحيم بعباده، يغفر الذنوب جميعًا إذا كانت دون الشرك، ولو كانت كبائر يغفرها سبحانه وتعالى إذا شاء.

قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]. فإذا سَلِم العباد من الشرك، فإن الله يغفر لهم، أو يعذبهم بذنوبهم ثم يُدخلهم الجنة بعد ذلك. فالمُوحِّد يُرجَى له الخير والمغفرة وإن كان عنده ذنوب.

أما الذين يقولون: «إن صاحب الكبيرة لا يُغفر له، وهو خالد في النار». فهؤلاء هم الخوارج، ومذهبهم هذا باطل.

فهذا الرجل لما تكلم بهذا الكلام الذي فيه تَحَكُّم على الله سبحانه وتعالى وسوء ظن بالله عز وجل، كان جزاؤه أن غضب الله عليه، وإن كان دافعه الغَيرة، لكن الغَيرة لها حدود، إذا تجاوزتْ حدودها كانت غير سائغة، فلما بلغت غَيرته إلى حد التقنيط من رحمة الله عز وجل صارت غَيرة باطلة، فقال الله سبحانه:


الشرح