×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

أما قوله: «فإنا نستشفع بك على الله»، فهذا لا نكارة فيه، بشرط أن يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لا بعد موته. ومعناه: طلب الدعاء من الرسول لهم بالسُّقيا. كذلك طلبُ الدعاء من الصالحين الأحياء لا بأس به.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم نَزَّه الله عن هذا التنقص، وهذا الجهل الذي وقع من هذا الأعرابي في حق الله، وقال: «سبحان الله! سبحان الله!».

وهذه عادته صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا استنكر شيئًا يُسبِّح، وإذا أعجبه شيء يُسبِّح أو يُكبِّر.

قوله: «حتى عُرِف ذلك في وجوه أصحابه» لما تأثر وغضب، غضبوا لغضب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتأثروا من تأثر الرسول صلى الله عليه وسلم وظهر ذلك على وجوههم رضي الله عنهم.

ثم قال: «وَيْحَكَ!»، هذه الكلمة يراد بها العتاب، وأحيانًا يراد بها الشفقة، «أتدري ما الله؟!» هذا استنكار من النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان لجهل هذا الأعرابي في حق الله، «شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّهُ لاَ يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ» لما أنكر صلى الله عليه وسلم ذلك ونَزَّه ربه عَلَّم هذا الجاهل ما يجب عليه من تعظيم الله.

فهذا حديث عظيم يدل على وجوب تعظيم الله عز وجل وتنزيهه، وأنه سبحانه لا يُستشفَع به على خلقه.

أورده المصنف رحمه الله في هذا الباب بلفظ مختصر، وقد رواه أبو داود بلفظ أتم من ذلك، والمصنف رحمه الله دائمًا يحرص على الاختصار، فإذا جاء الحديث مختصرًا وصحيحًا، أَخَذ به واستغنى به عن المطول.


الشرح