×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: ذُكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ، وَلاَ تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لاَ يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلاَّ أَنْتَ، وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلاَّ أَنْتَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ» ([1]).

وعن أبي مسعود مرفوعًا: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إِلاَّ، وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ» ([2])، رواه أبو داود والترمذي وصححه، وجعل آخره من قول ابن مسعود.

****

 وفي حديث ابن مسعود قال: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» كرَّرَ هذا مرّتين أو ثلاثًا تأكيدًا، وقد قدّمنا بيانَ معنى كونها شركًا.

قوله: «وَمَا مِنَّا إِلاَّ، وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ» هذا من كلام ابن مسعود، يقول: يقع في قلوبنا شيء من الطِّيرة، فإذا رأى الإنسان شيئًا يكرهه يقع في نفسه شيء، لأنه لا يقدر على ردِّ هذا، وهذا لا يؤاخذ عليه الإنسان، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ» ([3])، فكونه يقع في نفس الإنسان شيءٌ إذا رأى شيئًا يكرهه، أو يخاف شيئًا ثمّ لا ينفعل ولا يتصرّف تصرُّفًا يخالفُ ما شرعه الله؛ لا يؤاخذ على هذا.

«وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ» هذا هو العلاج، فالمؤمن يتوكل على الله ولا يضرّه ما وقع في نفسه، ويذهب بإذن الله إذا توكّل على الله.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3919)، والبيهقي رقم (16298).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (3910)، والترمذي رقم (1614)، وابن ماجه رقم (3538)، وأحمد رقم (3687).

([3])أخرجه: ابن ماجه رقم (2043)، وابن حبان رقم (7219)، والحاكم رقم (2801).