وقول
الله تعالى: ﴿أَلَآ إِنَّمَا طَٰٓئِرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ
لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف: 131].
****
الحسنة المراد بها
هنا: الخصْب والأرزاق ونزولُ الأمطار، ﴿قَالُواْ لَنَا هَٰذِهِۦۖ﴾ استحقّيناها على
الله بأفعالنا، ونحن نستحقُّ هذا، ولا يعترفون أنه فضلٌ من الله تعالى، بل ينسبون
هذا إلى استحقاقهم، وأنهم حصلوا على هذا الشيء بسبب أنهم ناسٌ أهلُ خير، فما
يصيبهم من الحسنات من السنين يقولون: هذا بسبب أفعالنا، وبسبب صفاتنا، وبسبب كسبنا
وكدِّنا، جحدوا نعمة الله عليهم.
﴿وَإِن
تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ﴾ المراد بالسيئة هنا: الجدْب، وانحباسُ الأمطار، وشُحُّ
الآبار، وتلفُ الثمار. فإنهم ينسبون هذا إلى موسى عليه السلام ومنْ معه من
المؤمنين، فيقولون هذا الذي أصابنا بسببهم، تطيّروا بخير النّاس - والعياذ بالله -.
والحق أنّ موسى ومنْ
معه من المؤمنين هم سبب الخيرات، وهم سببُ البركات، لأن الرسل يُصلحون في الأرض
بالطاعات فتنزل الخيرات، كما قال تعالى: ﴿وَلَوۡ
أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم
بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96].
فالمؤمنون هم سبب الخير لا سبب الشر كما يظنّه أهل الجاهلية، إنما سبب الشر هم العُصاة والمشركون والكَفَرة، فما يصيب أهلَ الأرض من الكوارث والمصائب إنما هو بسبب العُصاة، وما يصيبها من الخيرات فهو بفضل الله، وسببُه أهلُ الطاعات وأهلُ الصلاح والتقوى؛