أُرِيدَ بِمَن فِي
ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا﴾ [الجن: 9- 10]، استغربوا هذه
الحراسة وهذه الشُّهب، وكان ذلك مُؤْذِنًا ببعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولكن بقي
من هذا شيء لكنه قليل.
الفائدة الثالثة: «وَعَلاَمَاتٍ
يُهْتَدَى بِهَا» قال تعالى: ﴿وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ
رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَأَنۡهَٰرٗا وَسُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٥ وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ﴾ [النحل: 15- 16]، فالله جعل
للمسافرين علاماتٍ يستدلُّون بها في الأرض، وعلاماتٍ في السماء. العلامات التي في
الأرض: السُّبل، والفِجاج، والطُّرق التي جعلها الله في الأرض، والجبال، والأعلام
الواضحة، وأما في السماء فهي: النجوم، والشمس والقمر، فالنّاس يستدلُّون بسيرهم في
الطرق، ولا سيما في البحار التي ليس فيها جبال وليس فيها علامات أبدًا، وكذلك في
الليل، يسيرون في الليل في البرّ على النجوم، ينظرون إلى النجوم ويعرفون بها
الجِهات، فيسيرون على الجهة التي يريدونها، وكذلك يُستدلّ بهذه النجوم والشمس
والقمر على القِبْلة - الكعبة المشرفة - في الصلاة، لأنهم إذا نظروا إلى هذه
النجوم عرفوا الجهات واهتدَوْا إلى جهة القبلة.
فهذا من حكمة الله
سبحانه وتعالى من خلق هذه النجوم، خلقها لهذه الأمور.
أما من أراد أن يزيد
على هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها الله في كتابه فكما قال قتادة: «فَمَنْ
تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ»؛ لأن الله لم يخلقها لهذا، لأنه
أراد أن يحمِّلها شيئًا لم تُخلق من أجله، كأن يعتقد فيها أنها تدلُّ على حوادث في
الأرض، أو هُبوبِ رياح، أو نُزولِ مطر، أو موتِ