×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَقَاطِعُ رحِمِ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ» رواه أحمد وابن حبّان في «صحيحه» ([1]).

****

 قال: «وعن أبي موسى» هو الصحابي الجليل عبد الله بن قيس الأشعري، نسبة إلى جماعة في اليمن يقال لهم «الأشعريين».

وأبو موسى هذا من أفاضل الصحابة وأجلاَّئهم وفُضلائهم، قد تولّى أعمالاً جليلة في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفي أيام الخلفاء الراشدين، فله مكانةٌ عظيمة في الإسلام، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

قوله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ» هذا وعيد يُجرى على ظاهره ولا يُؤَوّل ولا يُفَسّر، لأن تفسيرَه وتأويلَه يُقلِّل من أهمِّيَّتِهِ، فيُترك على ظاهره؛ للزّجر والوعيد، وإن كان أصحاب هذه الجرائم لا يخرجون من الإسلام، ولكن هذا من باب الوعيد الشديد لهم.

وهم: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ» والمراد بالمُدمِن: الذي يُداوِم على شرب الخمر، ولا يتوب إلى الله منها.

فشرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، ومَن استحلّه فقد كَفر، ومن اعتقد تحريمه وشَرِبَه من باب الشهوة النفسانية فقد فعل كبيرةً من كبائر الذنوب، ويُعتبر فاسقًا ناقصَ الإيمان، إذا ثبت عليه الشرب بإقراره، أو بشهادة الشهود يُقام عليه الحدُّ ثمانين جلدةً، لأن حدّ الخمر شرع لصيانة العقل، الذي هو أشرفُ شيء في الإنسان، يميّز به الضارَّ من النافع، والطيِّبَ من الخبيث، وبه يعقل أمورَ دينِهِ، وبه يُمسِك


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (19569)، والحاكم رقم (7234)، وابن حبان رقم (5346).