فقد يُبالغ بعض
الكُتّاب الجُهّال فيصفون هذا الوقت بوقتِ الجاهلية، فيقول بعضهم: «جاهليةُ
القرن العشرين»، وهذا تعبيرٌ خاطئٌ، وقولٌ باطل، كما نبّه على هذا شيخ الإسلام
ابن تيمية في كتابه: «اقتضاء الصراط المستقيم».
فقوله صلى الله عليه
وسلم: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ»؛ دلّ على
أنه تبقى أشياءُ من الجاهلية تتسرّب في الناس، وقد تكون في بعض المؤمنين الصادقين.
وقد تَكثُر الجاهلية
في بعض الأشخاص وتَعظُم، ولكنه لا يخرج بها من الإسلام ما دام أنه يشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولم يشرك بالله، ولم يرتكب ناقضًا من نواقض
الإسلام، فليس كلُّ من فيه جاهلية يكون كافرًا.
فالحاصل؛ أن المبالغات
في وصف الزمان بأنه جاهلية والناس كلهم في جاهلية؛ هذا باطل، ولا يصدُر من عالمٍ
محقِّق، إنما يصدُر من بعض الجُهّال الذين قد يعذرون بجهلهم.
وقوله: «مِنْ أَمْرِ
الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ»؛ دلّ هذا على ذمِّ كل ما يُنسب إلى
الجاهلية، وعلى أنه محرّم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر هذا من باب الذمِّ
والتحذيرِ منه، وقال الله تعالى لنساء نبيِّه: ﴿وَلَا
تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ﴾ [الأحزاب: 33]، فكل ما يُنسب إلى
الجاهلية فإنه محرّم ومذموم يجب التخلِّي عنه والابتعاد عنه.
هذه مسألة.