المسألة الثانية: فيه - أيضًا -: أنه
قد يبقى شيءٌ من الجاهلية في المسلمين، فيجب عليه الحذَر منه، والتحذير منه،
والتوبة إلى الله ممّن وقع في شيء من ذلك من أمور الجاهلية. ومن ذلك: «الْفَخْرُ
فِي الأَْحْسَابِ» والمراد بالحَسَب: شَرَفُ الإنسان ومكانتُهُ في المجتمع،
فلا يفخرْ بحسَبِهِ؛ لأن الله - سبحانه - يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا
وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13]، فالكرامة عند الله
بالتقوى لا بالحَسَب.
يقول الشيخ محمد بن
عبد الوهاب رحمه الله: «إذا كان لا يجوز للإنسان أنه يفخر بعمله هو، فكيف يفخر
بعمل أبيه وجده».
قال الشاعر:
لَعَمْرُكَ مَا
السَّعَادَةُ جَمْعُ مَالٍ ***وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ
وقال آخر:
وَلَيْسَ عَلَى
عَبْدٍ تَقِيٍّ غَضَاضَةٌ ***إِذَا حَقَّقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ
ومن أمور الجاهلية: «الطَّعْنُ فِي
الأَْنْسَابِ» بأن يتنقّص أنساب النّاس.
وكِلا الأمرين مذموم،
لأنه يعظّم نفسَه، كما يتنقّص الآخرين، وكلاهما مذموم.
«وَالاِسْتِسْقَاءُ
بِالنُّجُومِ» وهذا محلُّ الشاهد من الحديث.
والاستسقاءُ «استفعال»، أصله: طلبُ السُّقيا، قال الله تعالى: ﴿وَإِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ فَقُلۡنَا ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ﴾ [البقرة: 60] ﴿ٱسۡتَسۡقَىٰ﴾ يعني: طلب السُّقيا.