وهذا فيه فضل المحبة
في الله بين المؤمنين، والمحبة في الله أوثق عُرى الإيمان - كما في الحديث:
«أَوْثَقُ عُرَى الإِْيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» ([1])، ومِنَ السبعة
الذين يظلُّهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلاَّ ظلُّه: «رَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي
اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ» ([2])، وفي الحديث
الصحيح: «أَنَّ رَجُلاً خَرَجَ إِلَى قَرْيَةٍ لِيَزُورَ أَخًا لَهُ فِي
اللَّهِ فَأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ» أي: طريقه «مَلَكًا»
ليختبرَه، فلما مرَّ عليه «قَالَ لَهَا الْمَلَكُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ:
أُرِيدُ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَمَا وَغَرَضُكَ فِيهَا وَمَا شَأْنُكِ؟
قَالَ: لأَِنَّ فِيهَا أَخًا لِي فِي اللهِ أَحْبَبْتُ زِيَارَتُهُ، فَقَالَ لَهُ
الْمَلَكُ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟» يعني: هل هو قد
أحسن إليك وأنت تحبُّه من أجل صنيعه معك ومعروفه معك، «قَالَ: لاَ إِلاَّ
أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عز وجل » يعني: ما زرتُه ولا خرجتُ إليه إلاَّ
لأني أحبه في الله، لا من أجل أنه أحسن إليَّ أو مِن أجل أنه أعطاني شيئًا أو منَّ
عليَّ بشيء، «فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ إِنِّي رَسُولَ اللهِ إِلَيْكَ، أَنَّ
اللهَ عز وجل قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ» ([3]).
كثيرٌ من الناس يتحابُّون ويتآلفون من أجل أمور الدُّنيا، من أجل الرجاء والطمع وغير ذلك، إنْ أحسن إليه وأعطاه شيئًا أحبه، وإلاَّ فإنه لا يحبه، وهذا موجود في البهائم والكلاب والقطط إذا أحسنتَ إليها
([1])أخرجه: أحمد رقم (18524)، والحاكم رقم (3790)، والطبراني في «الكبير» رقم (10531).