ولهذا يقول العلاّمة ابن القيِّم رحمه الله في «النونية»:
وَعِبَادَةُ
الرَّحْمَنِ غَايَةُ حُبِّهِ *** مَعَ ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطْبَانِ
وَعَلَيْهِمَا
فَلَكُ الْعِبَادَةِ دَائِرٌ *** مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانِ
وَمَدَارُهُ
بِالأَْمْرِ أَمْرِ رَسُولِهِ *** لاَ بِالْهَوَى وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ
ويقول العلماء في تعريف
العبادة هي: «غايةُ الذّلّ مع غايةِ الحبّ».
فالعبادة تتركّز على
ثلاثة أشياء: على المحبة، وعلى الخوف، وعلى الرجاء.
فالمحبة والخوف
والرجاء هي ركائز العبادة وأساسُها، فإذا اجتمعت تحقّقت العبادة ونفعت، كالصلاة
والحج وسائر العبادات، أما إذا اختلّت هذه الثلاثة فإن الإنسان وإن صام وإن صلّى
وإن حجّ فإنها لا تكون عبادته صحيحة.
ويقول العلماء: «من
عبد الله بالمحبة فقط فهو صوفي»، لأن الصوفية يزعمون أنهم يعبدون الله لأنهم
يحبّونه فقط، ويقولون: «لا نعبده نخاف من ناره ولا نرجو جنته، وإنما نعبده لأننا
نحبه». وهذا كذب.
«ومن عَبَد اللَّه
بالرجاء فقط فهو مرجئ» من المرجئة.
«ومن عَبَد اللَّه
بالخوف فقط فهو خارجيّ».
فالمرجئة أخذوا جانب
الرجاء فقط، والصوفية أخذوا جانب المحبة فقط، والخوارج أخذوا جانب الخوف فقط.
وأهل السنّة والجماعة جمعوا بين الأمور الثلاثة - ولله الحمد -: المحبة مع الخوف، والرجاء والذل، والانقياد والطاعة، وبنَوْا على ذلك سائر أنواع التعبُّد والتقرُّب إلى الله سبحانه وتعالى.