×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

فالمشركون يحبون الله لأنهم يعترفون بربوبيته وخَلْقِه لهم، فهم يحبّونه، لكنهم لم يُخلِصوا محبّتهم، بل أشركوا معه آلهةً أخرى يحبّونها مع الله محبةَ عبوديةٍ وخضوعٍ وذلٍّ وتقرُّبٍ إليها بالعبادة.

هذا هو الوجه الصحيح في تفسير الآية؛ أن المشركين يحبون الله ويحبون معه غيرَه من الأصنام والأوثان كما يحبُّون الله، فيُعادِلون بين محبة الله، ومحبة الأصنام، ومحبة الأوثان.

ولا يزال المشركون على هذا، فالذين يعبدون القبور والأضرحة يحبُّونها، ولهذا يغارون ويغضبون إذا قيل لهم إن هذه المعبودات باطلة لا تُغني عنكم شيئًا، ولا تنفعكم بل تضرّكم، فهم يغضبون، بل قد يقاتلون دونها، لأنهم يحبّونها ﴿كَحُبِّ ٱللَّهِۖ أي: كما يحبون الله.

قال الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ الذين أخلصوا المحبة لله - وهم المؤمنون - هؤلاء أشدُّ حبًّا لله من محبة المشركين لله، لأن محبّة المؤمنين خالصةٌ، ومحبّة المشركين مشتركة، والمحبة الخالصة أشدُّ وأقوى من المحبة المشتركة، وهذه المحبة هي التي تنفع، أما محبة المشركين لله فإنها لا تنفعهم ما داموا يحبّون مع الله غيرَه، فلم يُخلصوا في محبتهم.

فدلت هذه الآية الكريمة على أن المحبة نوعٌ من أنواع العبادة، بل هي أعظمُ أنواع العبادة، وأن من أحبّ مع الله غيره فيها فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، واتّخذ هذا المحبوبَ نِدًّا، أي: شريكًا مع الله ومُعادِلاً لله ومُساوِيًا لله، كما يقول أهل النار يوم القيامة لمن أشركوهم


الشرح