الكاذب، قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ
ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ﴾ [العنكبوت: 2] يعني: يُختبرون ويُمتحنون،
﴿وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ
ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 3]، فإذا قال: «آمنت
بالله» فإنه يُمتحن، بأن يصاب بالأذى من الكفار والمنافقين والفُسَّاق، فإن
صبر وثبت على إيمانه وتحمَّل الأذى في سبيل الله عز وجل فهذا دليلٌ على صِدْق
إيمانه، أما إنِ انْحرف وذهب مع الفتنة فإنَّ هذا دليلٌ على نفاقه.
وموقف المنافقين في الشدائد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم معلوم، كموقفهم يوم غزوة الأحزاب ماذا كان؟ كان كما ذكر الله عنهم في قوله: ﴿وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا﴾ [الأحزاب: 12]، وفي وقعة أحد انصرفوا ورجعوا مع عبد الله بن أُبي وتركوا رسول الله والمسلمين. فالفتن تكشف المنافقين وتبيِّن الصادقين في إيمانهم، قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسۡلِيمٗا﴾ [الأحزاب: 22]، فمواقف الفتن والشدائد هي التي تبيِّن أهل الإيمان الصادق من النفاق الكاذب، ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ﴾، وقت الرخاء كلٌّ يقول: ﴿ءَامَنَّا بِٱللَّهِ﴾، ويتظاهر بالإسلام وبالدين، لكن إذا جاءت الفتن فالمنافق ينعزل، ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ﴾ يعني: على طَرَف ﴿فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الحج: 11].