فالفتن والشدائد
والمواقف الصعبة هي التي تبيِّن الإيمان الصادق من النفاق، والله سبحانه
وتعالى حكيمٌ عليمٌ يُجري هذه الابتلاءات وهذه الامتحانات وهذه الهِزَّاتِ
ليتبيَّن أهلُ الإيمان الصادق من أهل النفاق: ﴿مَّا
كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ
يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى
ٱلۡغَيۡبِ﴾ [آل عمران: 179]، قال صلى الله
عليه وسلم: «أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَْنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ
وَالسَّلاَمُ -، ثُمَّ الأَْمْثَلُ فَالأَْمْثَلُ، يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ عَلَى
قَدْرِ دِينِهِ» ([1])، وقال صلى الله
عليه وسلم: «وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ» يعني:
امتحنهم «فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» ([2])، والدنيا دار
امتحان، ودار ابتلاء، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه أنه يبتلي العباد بعضهم
ببعض، ويبتليهم بالمحن والشدائد والخوف: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم
بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ
ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ
صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ﴾ [البقرة: 155- 157].
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَآ
أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ﴾ أي: ناله أذى بسبب إيمانه بالله.
﴿جَعَلَ
فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ﴾ أي: أذاهم.
﴿كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ﴾ أي: مساوية لعذاب الله، مع الفرق العظيم؛ لأنَّ فتنةَ النَّاس زائلة ومنتهية وخفيفة، بخلاف عذاب الله - والعياذ بالله - فإن عذاب الله شديد وباق ومستمر، فهو سوَّى بين الأمرين، وهذا من جهله وعدم إيمانه.
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2398)، وابن ماجه رقم (4023)، وأحمد رقم (1555).