فمَن أرضى النَّاس بما يُسخط الله إذا طلبوا منه
أن يكفُر بالله، طلبوا منه أن يترك الصلاة، طلبوا منه أن يمنع الزكاة، طلبوا منه
أن يقطع رحمه وأن يَعُقَّ والديْه إرضاءً للناس بما يُسخط الله من الكفر والمعاصي،
فهذا من ضعف اليقين، لأنه لو كان يقينه قويًّا لكان العكس، فكان يُرضي الله سبحانه
وتعالى بسخط النَّاس، أما إذا جاء العكس فأرضى النَّاس بسخط الله، فهذا من ضعْف
اليقين.
«وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ» أي: ومِن ضعفِ اليقين: أن تَحْمَدَهم على رزق الله، إذا جاءك رزق وجاءك خير تنسب هذا إلى النَّاس وتحمدهم عليه، مع أن الرزق من الله سبحانه وتعالى فالواجب: أن تحمد الله لا أن تحمَدِ النَّاس، إنما تحمد الله عز وجل لأنه هو الرزَّاق، وإذا كان لأحدٍ من النَّاس تسبُّب في هذا الرزق، فإنَّ هذا المتسبِّب يُشكر على قدْر ما فعل، لا أن يُنسب الرزق إليه، وإنما يُشكر على قدر سعيه وعلى ما بذل من السبب فقط، مع الاعتراف أن الرزق من الله، وتعتقد أن هذا الشخص إنما هو سبب فقط، وفي الحديث: «مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ» ([1])، وَفِي الآخر: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا به فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ([2])، فَالنَّاسُ إِنَّمَا تَجْرِي على أيديهم أسبابٌ يُشكرون عليها ويُدعَى لهم، أَمَّا أَن يُنسب الرزقُ إليهم، ويقال: هذا من فلان، فهذا كفرٌ بنعمةِ الله سبحانه وتعالى
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4811)، والترمذي رقم (1954)، وأحمد رقم (7939).