×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

 ولضعف المسلمين في هذه الحالة، فدفنوهم في مكان الشهداء المعروف عند أحد، وحملوا الجرْحى إلى المدينة.

ولَمَّا وصلوا إلى المدينة جاءهم مندوبٌ من أبي سفيانَ بأنه سيعيد الكرَّة عليهم، ويرجع عليهم ويستأصل بقيَّتهم، فما زادهم ذلك إلاَّ إيمانًا، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا معه إلى أُحُد أن يخرجوا ولا يخرج معهم غيرهم، فخرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم بجراحهم ونزلوا في مكان يقال له: «حمراء الأسد» - قريب من المدينة - ينتظرون الكفَّار.

لما بلغ أبا سفيان ومن معه أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج في أَثَرهم وفي طلبهم أصابهم الرعب، وقالوا: ما خرجوا إلاَّ وفيهم قوة؛ فمَضَوْا إلى مكة خائفين من الرسول صلى الله عليه وسلم، ورجع المسلمون إلى المدينة سالمين.

وأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: ﴿ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡاْ أَجۡرٌ عَظِيمٌ ١٧٢ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ [آل عمران: 172- 173]. هذا قول أبي سفيان أننا نأتي ونقضي على بقيّتهم ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ ١٧٣ فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ [آل عمران: 173- 174].

هذه ثمرات التوكُّل على الله سبحانه وتعالى وهذه ثمرات الاعتماد على الله، كما صارت النار برْدًا وسلامًا على إبراهيم؛ صارت هذه المعركة وهذه التخويفات بردًا وسلامًا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الشرح