قال: «وعن ابن
عباس» هو: عبد الله بن عباس، حَبْرُ الأمة، وترْجُمان القرآن.
قال: «﴿حَسۡبُنَا
ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173] » قالها إبراهيم عليه
السلام حين أُلْقيَ في النار، وقالها محمدٌ صلى الله عليه وسلم حين قالوا
له: ﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ
إِيمَٰنٗا﴾ [آل عمران: 173] الآية هذه كلمة عظيمة قالها الخليلان: إبراهيم ومحمد
- صلى الله عليهما وسلم - في أضيق الأحوال وأحرج المواقف، وهكذا الأنبياء
عند تأزُّم الأمور؛ لا يعتمدون إلاَّ على الله سبحانه وتعالى ولا يلجئون إلاَّ
إليه، وتزيد رغبتهم في الله عند الشدائد، ويُحسنون الظن بالله سبحانه وتعالى
دائمًا وأبدًا.
فالأنبياء وأتباعهم
لا يعتمدون إلاَّ على الله، خصوصًا عند المضائق وتأزُّم الأمور؛ يتوكَّلون على
الله ولا يضعُفون أو يخضعون لغير الله سبحانه وتعالى أو يتنازلون عن شيء من
عقيدتهم ودينهم أبدًا.
قوله: «قالها
إبراهيم عليه السلام حين أُلقيَ في النار» إبراهيم عليه الصلاة والسلام
بعثه الله في قوم وثنيِّين في أرض «بابل»، يعبدون الكواكب، ويبنون لها
الهياكل، وينحتون الأصنام التي على صورها، وكان أبوه يصنع الأصنام، ويبيعها على
النّاس ويأكل من ثمنها.
فبعث الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الأمة الوثنية يدعوها إلى التَّوحيد وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ويُنكر عليهم عبادة الأصنام، وبدأ بأبيه وقال: ﴿إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡٔٗا ٤٢ يَٰٓأَبَتِ إِنِّي قَدۡ جَآءَنِي مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ يَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِيٓ أَهۡدِكَ صِرَٰطٗا سَوِيّٗا ٤٣ يَٰٓأَبَتِ