«وَالْيَأْسُ
مِنْ رَوْحِ اللهِ» قال الله سبحانه وتعالى على لسانه نبيه يعقوب عليه
السلام: ﴿إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ
ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [يوسف: 87] أما المؤمنون فلا ييأسون من رَوْح الله مهما بلغ
بهم الكرب والشدة؛ لعلمهم بالله عز وجل وأسمائه وصفاته، وقُرب فَرَجِه، وقُرب
رحمته من عباده؛ فهم لا ييأسون من رَوْح الله مهما اشتَدَّت بهم الخُطوب، وضاق بهم
الحال.
ومواقفهم معروفة،
كموقف إبراهيم عليه السلام وموقف يعقوب لَمَّا فقد أولاده الثلاثة، وموقف أيُّوب
عليه السلام الذي بلغ منه الضُّرُّ مبلَغًا شديدًا، لم ييأسوا من رحمة الله.
ومحمد صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُخْرِجَ هو وصاحبه أبو بكر يوم الهجرة واختفيا في الغار، وجاء المشركون في طلبهما، ووقفوا على الغار والرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر تحت أقدامهم، يقول أبو بكر: يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا، قال: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟» ([1])، فأعمى الله أبصارهم ولم يروا رسول الله وصاحبه، كما قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40].
([1])أخرجه: البخاري رقم (3453)، ومسلم رقم (2381).