وعن
ابن مسعود قال: «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإِْشْرَاكُ بِاللهِ، وَالأَْمْنُ مِنْ
مَكْرِ اللهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ» ([1]) رواه
عبد الرزَّاق.
****
قال: «وعن ابن مسعود قال: أكبر
الكبائر» هذا فيه دليل على أن الكبائر تختلف، بعضها أكبر من بعض كما في الحديث:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ
اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»،
قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ
مَعَكَ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ
جَارِكَ» ([2]).
فهذه أعظم الكبائر:
الشرك بالله، وقتل النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحق، ولا سيَّما قتل القريب،
مثل: قتل الابن، كذلك: الزنا بحليلة الجار؛ فالزنا محرَّم عمومًا، وهو كبيرة، ولكن
الزنا بحليلة الجار أشد من الزنا بغيرها لحرمة الجيرة، ومِصْداق ذلك في قوله
تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا
يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا
يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ أَثَامٗا ٦٨ يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ
مُهَانًا ٦٩ إِلَّا
مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَئَِّاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا﴾ [الفرقان: 68- 70].
وقوله: «وَالأَْمْنُ
مِنْ مَكْرِ اللهِ» سبق معنى الأمن من مكر الله.
«وَالْقُنُوطُ مِنْ
رَحْمَةِ اللهِ» هذا سبق - أيضًا -.
«وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ» القنوط واليأس متقارِبان، وكلاهما فيه استبعادٌ لرحمة الله عز وجل وسوءُ ظنٍّ بالله عز وجل.
([1])أخرجه: عبد الرزاق في «المصنف» رقم (19701).