وقوله:
﴿وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحِجر: 56].
****
الاستمرار في المعاصي والزيادة
منها، ويستلزم ترك التوبة والرجوع إلى الله عز وجل هذه حالة الأشقياء من الخلق.
والأمن من مكر الله
ينافي التَّوحيد؛ لأنه يدل على عدم الخوف من الله عز وجل.
قال: «وقوله: ﴿وَمَن
يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ﴾ [الحِجر: 56] » هذا استفهام إنكار
من الله سبحانه وتعالى وهو بمعنى النفي، أي: لا أحد يقنط من رحمة ربه.
﴿إِلَّا
ٱلضَّآلُّونَ﴾ التائهون عن الحق.
وهذه الجملة قالها
إبراهيم عليه الصلاة والسلام لَمَّا جاءته الملائكة في صورة أضياف يريدون إهلاك
قوم لوط، وكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام كريمًا مِضْيافًا، فلما جاءه هؤلاء
الرجال بادر إلى ضيافتهم وجاء بعِجل حَنِيذ - وفي آية أخرى بعِجل سمين، وقرَّبه
إليهم، لكنهم لم يأكلوا لأنهم ملائكة، والملائكة لا يأكلون؛ فإبراهيم خاف أن
يكونوا أعداء، لكنهم طمأنوه، وأخبروه بمهمتهم، وأنهم جاءوا لإهلاك هذه القرية.
وزادوه - أيضًا -
بالبُشرى بالولد، وكان لا يُولد له.
﴿قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحِجر: 56] هذا محلُّ الشاهد، أي: لا أحد يقنط من رحمة ربه ﴿إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ عن الحق؛ لأن المؤمنين - وخاصَّة الأنبياء - يعلمون مِن قدرة الله سبحانه وتعالى وفضله وإحسانه ما لا يعلمه غيرهم، ويعلمون من قُرب رحمته وفرجه ما لا يعلمه غيرهم.