×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([1]).

****

فلا تجوز العصبية للمذاهب، ولا تجوز العصبية للأشخاص، ولا تجوز العصبية للقبائل، وإنما المسلم يَتْبَعُ الحقَّ مَع مَن كان، ولا يتعصَّب، ولا يترك الحقَّ الذي مع خصمه، فالمسلم يدور مع الحق أينما كان، سواءٌ كان في مذهبه، أو مع إمامِه، أو مع قبيلتِهِ، أو حتَّى مع عدوِّه، والرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، والله تعالى يقول: ﴿وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ [الأنعام: 152]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا» ([2]).

قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ» أي: مِن علامَةِ إرادة الله بعبده الخير: أن يعجِّل له العقوبة على ذنوبه؛ لأنَّ الذنوب تصدُر من الإنسان بكثرة، ليس هناك أحدٌ معصومٌ إلاَّ الأنبياء فيما عصمهم الله منه، «كُلُّكُمْ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ([3])؛ والإنسان تصدُر منه ذنوب كثيرة ومخالَفات؛ فإذا أراد الله بعبدِه خيرًا عجَّل له العقوبةَ على هذه المعاصي في الدُّنيا حتَّى يطهِّرَه، وحتَّى ينتقلَ إلى الدار الآخرة ليس عليه ذنوب فيدخلَ الجنة.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ» فلا تنزل به عقوبة، مع


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2396)، والحاكم رقم (8799).

([2])أخرجه: أحمد رقم (21453)، وابن حبان رقم (361)، والطبراني في «الكبير» رقم (1648).

([3])أخرجه: الترمذي رقم (2499)، وابن ماجه رقم (4251)، وأحمد رقم (13049).