ولهما
عن ابن مسعود مرفوعًا: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ
الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» ([1]).
****
قوله: «وَلَهُمَا» أي: البخاري
ومسلم.
«عن ابن مسعودٍ
مرفوعًا» أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
«لَيْسَ مِنَّا» هذه الكلمة كثيرًا
ما تأتي عن الرسول صلى الله عليه وسلم على معاصٍ تصدُر من النَّاس من باب التحذير
منها؛ مثلُ قولِه: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ([2])، وقولِه صلى الله
عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا» ([3])، ومنه هذا الحديث.
وهذه الكلمة «لَيْسَ
مِنَّا» معناها: البراءة ممَّن فعل ذلك، ولكن ليس معناها أنه يخرُج من
الإسلام، وإنما معناها: التنفير من هذا العمل، وأحسن ما يُقال فيها: أنها من ألفاظ
الوعيد، ولا تُفسَّر، لكن مع اعتقاد أنَّ هذا لا يدلُّ على الخروج من الدين
بأدلَّة أخرى دلَّت على أن أصحاب الكبائر التي دون الشرك لا يخرجُون من الدين،
والنِّيَاحة من الكبائر، لكنها دون الشرك؛ فلا تُخرِجُ من الدين.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ» ضرب الخدود جزعًا من المصيبة، لأن
المشروع الصبر وهذا عكسه، وهذا من باب الغالب.
«وَشَقَّ
الْجُيُوبَ» جيوب الثياب؛ جزعًا من المصيبة.
«وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» يعني: نادى عند المصيبة بالألفاظ التي تقولُها الجاهليةُ، والمراد بالجاهلية: ما كان قبل بَعْثة الرسول صلى الله عليه وسلم في
([1])أخرجه: البخاري رقم (1235)، ومسلم رقم (103).