×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

 يطيقون رؤية البشر الذي هو مثلهم؛ ولذلك يبعث الله الرسل من البشر إلى البشر، لأن هذا مقتضى رحمته بعباده، من أجل أن يفقهوا عنهم، ويتعلَّموا منهم ويألفوهم، ولو كانوا من الملائكة ما استطاعوا أن يروهم؛ لأن صورة الملَك مخالِفةٌ لصورة البشر.

وقوله: ﴿إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ [الكهف: 110] يعني: ليس لي من الربوبية شيء ولا من العبادة شيء.

﴿أَنَا۠ بَشَرٞ [الكهف: 110] عبدٌ من عباد الله.

فهذا فيه: ردٌّ على الذين يغلون في حقِّ الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدعونه من دون الله، ويستغيثون به من دون الله، أو يقولون: إنه مخلوقٌ من نور، أو من كذا وكذا، ولم يُخلق ممَّا خُلق منه بنو آدم.

وهذا - والعياذ بالله - من أعظم أنواع الغلو والكفر بالله عز وجل، الرسول بشر عليه الصلاة والسلام.

ثمَّ قال: ﴿مِّثۡلُكُمۡ [الكهف: 110] يعني: مثلكم في أمور البشريَّة، فهو بشر يجوع، ويمرض، ويتعب في السفر مثل البشر وتجري عليه العوارض البشرية كما تجري على البشر، فيُصيبه صلى الله عليه وسلم الهمُّ، ويصيبُه الحَزَن، ويصيبه ما يصيب البشر: ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ [الأنعام: 33]، ﴿وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ [الحِجر: 88]، ﴿فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ [الكهف: 6]، يهْتَمُّ ويحزن لما يرى مِن مخالفةِ النَّاس لعبادة الله سبحانه وتعالى لأنه يريد للناس الخير، ويريد لهم النجاة، فيُحزنه إذا رآهم على سبيل الهلاك لكمال شفقته صلى الله عليه وسلم.


الشرح