فلا يكون العمل
صالحًا إلاَّ إذا توافر فيه هذان الشرطانِ؛ كما قال تعالى: ﴿ٱلَّذِي
خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾ [المُلك: 2] قال الفُضيل بن
عياض رحمه الله: «أخلصُهُ وأَصوبَهُ»، قالوا: يا أبا علي، وما أخلصُهُ وأصوبُهُ؟
قال: «أخلصه: أن
يكون خالصًا لوجه الله، وأصوبه: أن يكون صوابًا على سنة رسول الله، فإنَّ العمل
إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم
يُقبل، وإنما يُقبل إذا كان خالصًا صوابًا».
﴿وَلَا
يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110] ومِن ذلك: أن يرائي
بعمله، أو يسمِّع بعمله، فإنه إذا راءى بعمله، أو سمَّع به، أبطله الله وردَّه
عليه.
وقوله: ﴿أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110] نكرة في سياق
النهي، تعمُّ كلَّ أحد؛ فالله لا يقبل أن يُشرك معه أحد لا من الملائكة، ولا من
الرسل، ولا من الأولياء والصالحين، ولا من الأحجار والأشجار، ولا من الجن، ولا من
الإنس.
فهذا فيه ردٌ على
الذين يقولون: إنما الشرك عبادة الأصنام فقط، أما أن نتقرَّب إلى الله ونتوسَّل
إلى الله بأولياء وعبادٍ صالحين، فهذا ليس مثل عبادة الأصنام.
وهذا باطل؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110]، وهو عامٌّ يشمل كلُّ مَن أشرك مع الله، سواءٌ كان من الجن،