النوع الرابع: مَن يعمل أعمالاً صالحة ثم يفسدها بالشرك، كأن يدعو غير الله مِن الموتى وأصحاب الأضرحة، كما عليه كثير من المنتسبين للإسلام اليوم.
فيُستفاد من هاتين
الآيتين ومن هذا الحديث الشريف فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى: التحذير مِن إرادة
الإنسان بعمله الدنيا، وأنَّ ذلك مِن الشرك في النيَّات، وهو: الشرك الخفي، وهذا
هو الذي عقد الشيخ رحمه الله هذا الباب مِن أجله.
الفائدة الثانية: يؤخذ من الآيتين:
أَنَّ إعطاء الله الدنيا لبعض الناس ليس دليلاً على رضى الله عنهم، ولهذا قال: ﴿نُوَفِّ
إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ﴾ [هود: 15] ثم قال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ﴾ [هود: 16]، فهذا دليل على أن
هذا العطاء عن غير رضى، وأنَّ منعَ الدنيا عن العبد المؤمن ليس دليلاً على عدم رضى
الله عنهم، فالدنيا ليست مقياسًا لرضى الله وغضبه وجودًا وعدمًا.
الفائدة الثالثة: يؤخذ مِن الآيتين
الكريمتين: أن العبرة ليستْ في صورة العمل، وإنما العبرة في نية العامل، فإنْ كانت
نيَّة العامل خالصةً لله عز وجل فهذا العمل عملٌ صالح، وإن كانت نية العامل غير
خالصة لوجه الله عز وجل فهذا عملٌ فاسد وإن كانت صورته صورة عمل صالح، فلا تنظر
إلى كثرة الإنفاق والتبرُّعات والمشاريع، فربما يكون مَن يتصدَّق بشيء قليل مع
نيَّة صالحة ينال به أجرًا عظيمًا: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ،