الفائدة السادسة: في الحديث: بيان
علامات الذي يعمل من أجل الآخرة، وهي كما يلي:
أولاً: أنه مُعِدٌّ نفسه
للجهاد دائمًا وأبدًا، ينتظر الجهاد، ويرغب فيه «آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ» في أيَّة ساعة تدعو الحاجة فإنه يبادِر بالجهاد في سبيل
الله.
ثانيًا: أنه لا يتفرَّغ
للعناية بنفسه والرفاهية بحيث يرجِّل شعره ويدهن شعره، بل هو أشعث رأسه «أَشْعَثَ
رَأْسُهُ»، ومن صفاته أنه: «مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ»، فهو لا يعتني
بنفسه، بل الغبار عنده مرغوب لأنه في سبيل الله، وهذا يدل على أن هذا العبد ليس
مُتْرَفًا في هذه الدنيا.
الصفة الثالثة: أنه لا يبالي بنوع
العمل الذي يؤدِّيه في الجهاد سواء كان شاقًّا أو سهلاً، سواءً كان فيه ظهور أمام
الناس أو ليس فيه ظهور أمام الناس، «إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي
الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ» يعني: يعمل
حيثُ وُضع، لا يتبرَّم ولا يتكرَّه لذلك ولا يقول للقائد: أنت تهينني، وأنت، وأنت،
لأنه لا يعمل من أجل القائد، ولا من أجل الناس، وإنما يعمل من أجل الله سبحانه
وتعالى.
الصفة الرابعة: أنه غير معروف عند الناس، لأنه يخفي نفسه، ولا يريد الظهور، وإنما يريد إخفاء نفسه وإخفاء عمله، وليس معناه: أنه يَنْزَوي ويقعُد في داره في زاوية من الزوايا، بل هو يشتغل ويعمل، ولكنه لا يحب أن يظهر عمله، ولا أن تظهر شجاعته، ولا أن يظهر إقدامه، ولا أن يُعرف جهاده، ولا يرغب هذا، لأنه يعمل من أجل