معصية الله، والطّواغيتُ كثيرون، ورءوسهم خمسة:
إبليسٌ -لعنه الله-، ومَن عُبد وهو راضٍ، ومَن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومَن
حكَم بغير ما أنزل الله، ومن ادّعى علم الغيب».
هؤلاء رءوس الطواغيت،
ومنهم: مَن حكم بغير ما أنزل الله، الذي هو موضوع هذا الباب، وهم الذين يحكمون
ويتحاكمون بغير شريعة الله سبحانه وتعالى من القوانين والأنظمة، والعادات
والتقاليد، وأمور الجاهليّة والقَبَلِيَّة؛ لأن هناك قوانين وَضْعِيَّة وضَعها
البشر.
وهناك عادات وتقاليد
في المجتمعات يمشي بعضُ الناس عليها، وهناك أعرافٌ جاهليّة بين القبائل يسمّونها:
السُّلُوم، وشيوخ القبائل: العوارِف، كُلّ قبيلة لها عارفة يحكم بينهم، إمّا كاهن،
وإِمّا ساحر، وإمّا رجل عاديّ، وهذا كلّه منبوذ، وكلّه مطروح بعد بَعثة الرّسول
صلى الله عليه وسلم، ووَجب الرُّجوع إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكلّ ما خالف كتاب الله وسنّة رسوله فإنه طاغوت يجب الكُفر به، ولهذا قال: ﴿وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ﴾ [النساء: 60]، وكذلك في قوله تعالى: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ﴾ [البقرة: 256]، فالإيمان بالله لا يصحّ إلاّ بعد الكفر بالطّاغوت، فالكفر بالطّاغوت رُكن الإيمان، فلا يصحّ أن يُجمع بين الإيمان بالله والإيمان بالطّاغوت؛ لأن هذا جَمْعٌ بين نقيضين، والله قدّم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله، وهذا معنى لا إله إلا الله؛ لأنّ لا إله إلا الله إيمانٌ بالله وكُفْرٌ