والمنافقون: جمع منافق، وهو:
الذي أظهر الإسلام وأبطن الكفر؛ لأنه لَمّا رأى قوة الإسلام لم يستطع
معارضته فلجأ إلى حيلة، وهي أن يُظهِر الإيمان من أجل أن يعيش مع المسلمين ويسلَم
على دمه وماله، ويَبقَى على الكفر في باطن أمره، فهو أظهر الإسلام خداعًا ومكْرًا،
فصار شرًّا من الكافر الخالص؛ لأنّ الكافر الخالص أخفّ من المنافق؛ لأنّ الكافر
الخالص معلوم ومعروف عداوته، معروفٌ موقفُه من الإسلام، لكن هذا موقفه من الإسلام
متذبذب، لا هو مع الكفّار ولا هو مع المسلمين: ﴿مُّذَبۡذَبِينَ
بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِۚ﴾ [النساء: 143]، إن صارت الغلبة
للكفّار فرح وعاش معهم، وإن صارت العزّة والغَلَبة للمؤمنين عاش معهم،
فيُريد أن يعيش مع القوي، وهذا أخسّ المذاهب، وأحطّ المذاهِب؛ لأنّ الإنسان يجب أن
يكون صريحًا لا يخادع، لكن هؤلاء يخادعون، ولذلك صاروا في الدَّرْك الأسفل من
النار، ﴿وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا﴾ [النساء: 145].
وقوله تعالى: ﴿فَكَيۡفَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّآ إِحۡسَٰنٗا وَتَوۡفِيقًا﴾ [النساء: 62] يعني: إذا نزلت بهم كارثة، أو أنزل الله فيهم قرآنًا يفضحهم، جاءوا إلى الرّسول يعتذرون، ويحلفون بالله، وهم أكثرُ الناس حَلِفًا بالله وهم كاذبون، يحلفون على الكذب وهم يعلمون، ﴿يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّآ إِحۡسَٰنٗا وَتَوۡفِيقًا﴾ [النساء: 62] يقولون: ما أردنا مخالفتك، ولا أردنا مخالفة كتاب الله، ولكن عمِلنا هذا للمصلحة، وتوفيقًا بين الناس، وهذا ممّا يدلّ