×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

وكأنّه قال هذه المقالة لَمّا كثُر القُصّاص في وقته، وهم: الوُعّاظ، والوُعّاظ يحرصون على أن يخوِّفوا الناس، فيذكُرون لهم كلّ ما قرأوا أو سمعوا من الأخبار والأحاديث، سواءً كانت صحيحة أو غير صحيحة، وسواء كان النّاس يفهمونها أو لا يفهمونها. وهذا أمرٌ لا يجوز، فالحاضرون يحدِّثون بما تتحمّلُه عقولهم، ربما ينفعُهم، أما ذكر الأشياء التي تشوِّش عليهم - وقد تحمِل بعضَهم على التّكذيب - فهذا أمرٌ محرّم.

فينبغي للقاصّ والواعظ والخطيب والمتحدِّث أن يراعيَ أحوال السّامعين، فيتكلّم معهم بما يُناسِب حالهم: إنْ كان يتكلّم في وسط علماء يتكلّم بالكلام اللاّئق بأهل العلم، وإن كان يتكلّم في وسط عَوامّ فيتكلّم بما يناسبهم وبما تتحملّه عقولهم، ويحرص على ما ينفعهم أيضًا، ويعلِّمهم أُمور دينهم: أمور عقيدتهم وصلاتهم، وأُمور عبادتهم، ويحذّرهم من المعاصي ومن المحرّمات، ولا يدخُل في المواضيع العلميّة البعيدة عن أفهام العَوامّ.

وهذه حكمةٌ عظيمة من أمير المؤمنين رضي الله عنه: أنه أمر أن يُراعَى أحوال الحاضرين وأحوال السّامعين، فيُحدَّثون بما يتناسب مع مستواهم العلميّ.

ويا ليت المتحدِّثين في وقتنا هذا والخُطباء يمشون على هذا النّظام وهذه القاعدة التي قالها أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب.

فهذه قاعدة للمتحدِّثين في كل وقت: أنّ المتحدِّث يراعِي أحوالَ


الشرح