×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

قوله: «هو كقولهم: كانت الريح طيِّبة، والمَلاَّح حاذقًا» يعني: إذا ساروا في البحر في السُّفُن التي كانت تسير بالرِّيح، إذا نجَوا من البحر وخرجوا إلى البر يُثنون على الرِّيح وعلى المَلاَّح، ولا يقولون: هذا بفضل الله، بل يقولون: كانت الريح التي حملت السفينة طيِّبة.

والمَلاَّح، هو: قائد السفينة، سُمّي مَلاَّحًا لملازمته للماء المِلْح؛ لأنّ مياه البحار مالحة، فالذي يقود السفينة يقال له: مَلاَّح؛ لأنّه يسير على الماء المِلْح.

وكان الواجب عليهم أن يقولوا: أنّ الله هو الذي نجّانا، وهو الذي سخّر لنا الرّيح الطيِّبة، وهو الذي أقدر قائد السّفينة وألهمه أن يقودها إلى برّ السلامة، أما أن يقولوا: إنّ نجاتنا وخُروجنا إلى البر بسبب طيب الريح وحِذْقَة القائد فهذا كفرٌ بنعمة الله سبحانه وتعالى.

وقوله: «ونحو ذلك ممّا يجري على ألسنةِ كثير» يعني: نحو هذه الألفاظ ممّا يجري على ألسنةِ كثيرٍ من النّاس من نِسْبة النِّعَم إلى غير الله سبحانه وتعالى إمّا من باب التساهُل في التعبير، وإمّا من باب سوء الاعتقاد، فإنْ كان من سوء الاعتقاد فهو كفر يخرج من الملّة، وإنْ كان من باب الإساءة في التعبير مع الاعتقاد بأنّ الله هو الذي أوجد هذا الشيء فهذا كفرٌ أصغر، يسمّى بكفر النّعمة.

فهذا الباب باب جليل؛ لأنّه يعالِج مشكلة يقع فيها كثيرٌ من النّاس ولا يحسِبون لها حسابًا، ويتكلّمون بكلام يظنّونه هيّنًا وهو عند الله عظيم؛ حيث إنّهم ينسبون نعم الله تعالى إلى غيره، ولا يشكرون


الشرح