لأنَّ كثيرًا منهم
يتساهل بالحلف بالله، ولا يتساهل بالحلف بالضريح أو الوليِّ، إذا قيل له: احلف
بالله؛ بادَر بالحلف، إذا قيل له: احلف بمعبودِكَ وبمعظَّمِكَ، بالوليِّ الذي أنت
تعظِّمُهُ؛ ارتعدَ وأبى أَنْ يحلِفَ، يخاف من البطش مِن هذا الولي؛ فهذا شركٌ أكبر
بلا شك.
ومِن الشركِ في
الألفاظِ قولُ الرَّجل: ما شاءَ اللهُ وشئتَ، لولا اللهُ وفُلانٌ؛ لأنه لا يجوز
الجمع بينَ الله وغيرِه بالواو؛ لأنَّ الواو تقتضي التشريك.
والصَّواب: ما أرشد إليه
النبي صلى الله عليه وسلم أن تقول: ما شاء الله، ثُمَّ شاء فلان. لأنَّ «ثُمَّ»
ليست للتشريك، وإنَّما هي للترتيب، وجعل مشيئة المخلوق بعد مشيئة الخالق، كما قال
تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [التكوير: 29]، فالعبد له مشيئة
بلا شك، ولكنها تابعة لمشيئة الله سبحانه.
هذا ما قاله ابن
عبَّاس في تفسير هذه الآية: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ
أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 22]، فالآية نهت عن
اتِّخاذ الأنداد، وهذا يشمل الشرك الأكبر والشرك الأصغر.
وابن عبَّاس رضي الله عنهما مثَّل بالشرك الأصغر لينبِّه به على ما هو أشدُّ منه وهو الشرك الأكبر، فإذا كان الشرك الأصغر لا يجوز فكيف بالشرك الأكبر؟ والسَّلف يستدلون بالآيات النَّازلة في الشرك الأكبر على منع الشرك الأصغر؛ لأنَّه نوعٌ من الشِّرك، وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا﴾ [البقرة: 22] يشمل هذا وهذا.