ولابن
ماجه: عن الطفيل - أخي عائشة لأمِّهَا - قَالَ:
****
الفائدة السادسة: وفي حديث ابن
عبَّاس في الرَّجل الذي قال للنَّبي صلى الله عليه وسلم: «مَا شَاءَ اللهُ،
ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ»، قال له: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدًّا؟» فيه:
إنكار المنكر، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليه، لا سيَّما إذا كان هذا
المنكر شركًا يُخِلُّ بالعقيدة فإنَّه لا يجوز السُّكوتُ عليه، بل يجب أن يبيِّنَ
ويُنبِّهَ، وهذا يشهد لِمَا قاله ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما في تفسير الآية التي
سبقت، وهي قولُه: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 22] قال ابن عبَّاس هو
قولُ الرَّجل: «لولا الله وفلان، لولا كُلَيْبَة هذا لأتانا اللُّصوص، لولا
البطُّ لأتى اللُّصوص»، فسَّر اتَّخاذ الأنداد بهذه الأشياء، وها هو الرَّسول
صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يقول: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدًّا؟»
فدلَّ على أنَّ قولَ: «ما شاء الله وشئت» اتِّخاذٌ للنِدِّ مع الله سبحانه
وتعالى وإنْ كان من الشِّرك الأصغر.
قوله: «ولابن ماجه: عَنِ الطُّفيلِ - أَخِي عَائِشَةَ لأُِمِّهَا - » الطُّفَيل هو: الطُّفَيْل بن عبد الله بن سَخْبَرَةَ الأَزْديُّ، نِسْبَةَ إلى الأَزْد؛ قبيلةٌ عربيَّة مشهورة، وأبوه: عبد الله بن سَخْبَرَة جاء إلى مكَّة قبل البَعْثة وحالَف أبا بكر الصدِّيقَ، كما كان عليه الأمر في الجاهلية أنهم يتحالفون، ويصبح الحليِف أخًا لحليفه يدافِع عنه ويناصره ويحميه، بل إذا مات يَرِثُه، ويصبح الحليف مختلطًا بحلفائه كأنَّه واحدٌ منهم، ثم نَسخَ الإسلامُ الأحْلافَ وأبطل الميراث الذي يكون بالحِلْفِ، قال: ﴿وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ﴾ [الأنفال: 75] فجعل الميراث لأولى الأرحامِ، يعني: الأقارب دون الحلفاء، ثم مات عبد الله بن سَخْبَرَة، وكانت زوجتُهُ يُقَالُ لها: «أُمْ رُومان»، فتزوجها أبو بكر