فَلَمَّا
أَصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ بِهَا مَنْ أَخْبَرْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: «هَلْ أَخْبَرْتَ بِهَا أَحَدًا؟» قُلْتُ:
نَعَمْ. قال: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ،
فَإِنَّ طُفَيْلاً رَأَى رُؤْيَا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ،
وَإِنَّكُمْ قُلْتُمْ كَلِمَةً يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا، أَنْ أَنْهَاكُمْ
عَنْهَا، فَلاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ
قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» ([1]).
****
ثُمَّ كَرَّرَ عليه النَّصارى بمثلِ ما قالَهُ
اليهودُ، قال طُفيلٌ: «فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ بِهَا مَنْ أَخْبَرْتُ،
ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: «هَلْ
أَخْبَرْتَ بِهَا أَحَدًا؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ» هذا فيه: دليل على مشروعية حمد الله
والثَّناء عليه في بداية الكلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي
بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» ([2]) ولهذا افتتح الله
كتابه العظيم القرآن بـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ
ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2]، وفيه استحباب الإتيان بأمَّا بعد، وهي كلمة
يُؤتَى بها للانتقال مِن أسلوب إلى آخر.
«فَإِنَّ طُفَيْلاً
رَأَى رُؤْيَا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ، وَإِنَّكُمْ قُلْتُمْ
كَلِمَةً يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا، أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا» قيل: كان يمنع
النبيَّ صلى الله عليه وسلم الحياءُ، لأنَّه لم ينزلْ عليه وحيٌ في المنع منها.
«فَلاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» لَمَّا نبَّههم على خطأ هذه الكلمة أرشدهم إلى البديل الصالح منها، وهو أن يقولوا: ما شاء الله وحده.
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (2118)، والدارمي رقم (2699)، وأحمد رقم (20694).