وفي
الصحيح عن أبي هريرةَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «قَالَ اللَّهُ عز
وجل: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» ([1]).
****
قال الله تعالى: ﴿وَمَا
لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ﴾ [الجاثية: 24] الواجب أن الإنسان إذا ادَّعي دعوى أن يقيم عليها
الدليل، وما عندهم دليل؛ ولهذا قال: ﴿وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ
عِلۡمٍۖ﴾ [الجاثية: 24] يعني: ما لهم دليل على هذا، بل الدليل على العكس، على أَنَّ الدهر ليس له
تصرُّف وإنَّما التَّصرُّف هو للخالق سبحانه وتعالى.
ثم قال: ﴿إِنۡ
هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية: 24] يعتمدون على الظَّن، والظن ﴿لَا
يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيًۡٔاۚ﴾ [يونس: 36].
هذا هو المنطق
الصحيح في لسان المناظرات، أما مجرَّد الوهم ومجرَّد الظنِّ، فلا يُبنى عليه مثل
هذا الأمر العظيم، وهو إنكار البعث.
ثُمَّ ساق الشيخ
الحديث، وهو من الأحاديث القدسيَّة، والحديث القدسي: هو الذي يرويه النبي صلى الله
عليه وسلم عن ربِّه، فهو كلام الله جل وعلا.
يقول جل وعلا: «يُؤْذِينِي
ابْنُ آدَمَ» الله يتأذَّى ببعض أفعال عباده، لكنَّه لا يتضرَّر بها.
ثم فسَّر ذلك الأذى بقوله: «يَسُبُّ الدَّهْرَ» والدهر ليس محلًّا للسَّبِّ، فيكون محلُّ السبِّ هو الله سبحانه وتعالى لأنَّه هو الذي خلق أو أوجد هذا الأمر الذي يكرهه هذا الإنسان، فإذا سبَّ الدهرَ فقد سبَّ الفاعل وهو
([1])أخرجه: البخاري رقم (4549)، ومسلم رقم (2246).